الثلاثاء، 16 يوليو 2013

البشناق العرب


منظر لبيوت قرية قيسارية جنوب حيفا التي بناها البشناق 








" الكل مروا من هنا
فالقدس تقبل من أتاها كافرا أو مؤمنا
امرر بها واقرأ شواهدها بكل لغات أهل الأرض
فيها الزنج والإفرنج والقفجاق والصقلاب والبشناق.."
قالها الشاعر تميم البرغوثي حديثا، ولم يضع البشناق عبثا كتتمة لقافية،لأنهم أتوا الى الأرض المباركة مؤمنين، ومجاهدين، ثم سكانا أحبوها واختاروهامستقرا لهم.
ذكر التاريخ أحد أفراد البشناق "أحمد باشا حلمي الجزار" كوالٍ لعكّـا، دافع عنها مع الحامية العثمانية دفاعاً مستميتاً ضد غزو نابليون حتى تمكنوا من صدِّه عنها عام 1799، وخمسمئة مجاهدٍ قدموا من أرض البوسنة مع الحاج أمين الحسيني أثناءمعركة 48 واستشهد مئتان منهم، كما ذكر خليل الجندي في مدونته نقلا عن أبيه، وبين هذين التاريخين وفدت مجموعة كبيرة من مسلمي البشناق مستقرين هذه المرة في تلك البلاد، وليصبحوا جزءاً من الشعب العربي.

لمحة تاريخية

 "البشناق"  وهو مصطلح يطلق على مسلمي البوسنة والهرسك، تلك الدولة المتعددة الأديان، الذين تركوا بلادهم، إثر اتفاقية برلينالتي سلمت بموجبها الدولة العثمانية بلاد البوسنة والهرسك لتكون تحت سيطرة امبراطوريةالنمسا والمجر ، وبالمقابل كان لسكان المنطقة الأصليين  الرافضين للحكم الجديد الحق في مغادرة أراضيهم والإستقرار في أراضي الدولة العثمانية الشاسعة .
 ثورات قامت ،وصراع مسلح نشب بين المواطنين الذين فوجئوا ولأول مرة منذ اربعة قرون بحكم أجنبي وبين إمبراطورية امتلكت وسائل حربية متطورة  وعدد هائل من الجنود المدربين، ولم تلبث الثورات أن قمعت وقرر عدد كبير من المسلمين البوسنيين الهجرة ،منهم من هاجر برا واستقر في تركيا الحالية ،ومنهم من ركب البحر متوجها للجنوب،الى الدول العربية التابعة للدولة العثمانية انذاك.
المجموعة التي وفدت لفلسطين  سمحت  لهم الدولة العثمانية  بالاستقرار في قيسارية جنوب حيفا، وهي قرية على شاطئ البحر المتوسط، كانت خربة في هذا الوقت، فعمروها وبدأوا باستصلاح الأراضي هناك وزراعتها.

 علاقة البشناق بالعرب

العائلات التي قدمت تعددت أسماؤها: "لاكشيتش، بيغوفيتش، مرادوفتش، جيهانوفيتش .." وغيرها أصبحوا كلهم تحت مسمى واحد: "بشناق". اجتمع كبار العائلة وتباحثوا في شكل العلاقة مع المجتمع العربي المحيط بهم، ويقول مصطفى مرادوفتش بشناق نقلا عن أبيه: "كان الفلاحون العرب طيبين معانا ومتعاونين، ما لقينا مشاكل معهم فاتفقوا البشناق انو يذوبوا في المجتمع العربي".
أدخل الآباء أبناءهم في مدارس عربية، وزوجوا بناتهم من شباب عرب، وعمل الفلاحون العرب معهم في الزراعة، والمثير أنه في الوقت ذاته وفدت مجموعات عرقية أخرى إلى بلاد الشام آنذاك  مثل الشيشان والشركس، ولكنها احتفظت بخصوصيتها  وبمسافة تفصلهم عن المحليين على عكس البشناق، وكانت النتيجة أنه الآن بعد مرور أربعة أجيال من الجيل الأول الذي قدم من موستار، لا يعرف الأحفاد اللغة البوسنية ولا عادات أهل البوسنة، كل ما يعرفونه أن لهم أصلا بوسنياً.

البشناق في الوقت الحالي

العالم الحديث بما فيه من انفتاح معرفي، ووسائل تواصل حديثة تكنولوجية، أتاحت للجيل الجديد وآبائهم أن يتواصلوا بصورة أكبر مع جذورهم البوسنية، فظهرت الرحلات الجماعية التي ينظمها أفراد العائلة للتعرف إلى موطن الأجداد، كما تحدثت إكرام مرادوفتش: "سافرت الى هناك مع زوجي وأبنائي، وتعرفت إلى شخص ينتمي لنفس عائلة أمي ودعانا لبيته، الأمر كان أشبه بالحلم"، ومحاولات البعض الاستقرار هناك سواء بالاستثمار والعمل أو بالاقتران بزوجات من الوطن الأم .
 أن ذوبانهم في المجتمع العربي لم يفقدهم بعد خصائصهم العرقية المميزة من ناحية جسدية، والتراث الذي يحملونه من بلادهم، وبعض صور الثقافة المنتقلة إليهم أباً عن جدٍّ، ومن ناحيةٍ أخرى يعيشون بين العرب بصورة طبيعية ولا يعدون أنفسهم مختلفين عنهم في شيئ.



انتشر البشناق في أماكن عديدة بالعالم العربي ،وهذه الخريطة توضح أهم أماكن انتشارهم :


View هجرة البشناق in a larger map

ترير مرئي عن عائلة بشناق وتواصلها مع الجذ